حدد الصفحة

مستقبل الخدمات المصرفية الرقمية في المملكة العربية السعودية

مستقبل الخدمات المصرفية الرقمية في المملكة العربية السعودية

تبحث مصارف المملكة العربية السعودية -والتي تخدم مجتمعة أكثر من 21 مليون سعودي و10.4 مليون وافد- عن سبل جديدة تعينها على تلبية احتياجات هذه القاعدة الضخمة من العملاء بكفاءة. ولطالما كانت قنوات التسليم البديلة وإيجاد طرق جديدة لممارسة الأعمال عناصر أساسية للمصارف لتوسيع آفاق أعمالها والوصول إلى عملاء جدد. وقد تبنت عدة مصارف في المملكة بالفعل استراتيجية وحلولاً مصرفية رقمية لمواكبة سلوكيات المستهلك المتغيرة باستمرار. وبدعم من الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات وبرنامج التحول الوطني في إطار رؤية 2030، تمكنت مصارف المملكة من التحول إلى المعاملات الإلكترونية لجعل خدماتها المصرفية سلسة ومريحة لملايين المتعاملين.


ومع استخدام 69.6٪ من إجمالي سكان المملكة للإنترنت، ليس من المستغرب أن يتوقع المستخدمون إجراء معاملات سريعة في أي مكان وفي أي وقت وعبر أي جهاز. لذا على المصارف مواكبة الاحتياجات المتغيرة لعملائها باستمرار عبر التبني الرقمي. وبشكل خاص، يتوقع جيل الألفية الذين يشكلون حوالي 50٪ من مجموع السكان أن تكون بنوكهم في طليعة التحول التكنولوجي، وهو ما يمكن اعتباره المحرك الرئيسي للنمو في القطاع المصرفي الرقمي.


وتتمتع المملكة بمستوى عال من الاستخدام المصرفي الرقمي، الذي من المتوقع أن يزيد باضطراد على مدى السنوات القادمة، وقد قمنا مؤخرا بعمل دراسة استقصائية شملت 900 من صناع القرار في الأعمال وتقنية المعلومات في القطاع المصرفي، و11,000 مستهلك عبر 14 سوق، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، وقد عززت نتائج دراستنا فكرة أن الخدمات المصرفية الرقمية آخذة في الارتفاع في المنطقة، حيث أظهرت النتائج أن 66٪ من المستهلكين السعوديين يستخدمون الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهواتف الذكية.


وفي الوقت الذي تواصل فيه المصارف التركيز على التحول الرقمي، تظهر أبحاثنا أن الفائدة الرئيسية للخدمات الرقمية هي راحة العملاء. وفي الواقع، صرح ثلثا المستهلكين في السعودية (%69) أنه من الأسهل استخدام الحلول المصرفية الإلكترونية عوضا عن زيارة الأفرع أو مراكز الخدمات. فإدخال الخدمات المصرفية الرقمية منح العملاء خيارات سهلة للتفاعل مع مصارفهم. فقد ولت الأيام التي كان عليك فيها الذهاب إلى الفرع المحلي للحصول على تحديث عن أموالك. ويمكنك اليوم القيام بكل ذلك عبر نقرات قليلة على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي الخاص بك. لذا ليس من المستغرب أن يفضل العملاء هذه الخبرات ‘الفورية’ الجديدة عوضا عن الخدمات الأبطأ والأقل ملاءمة التي تقدمها الطرق المصرفية التقليدية. وأصبح المتعاملون مع المصارف أقل اعتمادا وبشكل ملحوظ على الأفرع التقليدية لإجراء المعاملات الروتينية مثل التحويلات والاستعلام عن الرصيد. ومع ذلك، فإن الفروع ستستمر في لعب دور هام للمعاملات الأكثر تعقيدا مثل القروض وتطبيقات بطاقات الائتمان.


وعلى خلفية التوسع الرقمي، هناك قلق متزايد على الجانب الأمني. حيث يعتمد نجاح الخدمات المصرفية الإلكترونية على قدرة المصارف في الجمع بين سلاسة تجربة المستخدم مع الأمن والثقة. وعلى الرغم من أن قادة المصارف حريصون على الاستثمار في الأمن، وجدت دراستنا أن كلمة المرور التقليدية لا تزال الوسيلة الأمنية الرئيسية للحلول المصرفية الإلكترونية (81%) في حين تتواجد الميزات الأمنية الأكثر تطورا مثل التشفير (%25) والقياسات البيومترية () أسفل القائمة. ويمكن أن تؤثر التهديدات الأمنية على المصارف عبر العديد من نقاط الضعف.


ووجدنا أيضا أن 50% من المستهلكين في السعودية يعتقدون بوجود ثغرات أمنية في الحلول المصرفية الإلكترونية، و29% يشعرون بالقلق إزاء اختراق معلوماتهم الشخصية عند استخدام التطبيقات المصرفية والمواقع الإلكترونية. ولعل أن أحد أكثر نقاط القلق إلحاحاً هي اعتراف 69% من المستهلكين السعوديين باستخدامهم لنفس الرمز السري لمختلف حساباتهم. لذا على المصارف في المملكة السعي لتحسين أمنها دون المساس بالراحة وتحقيق توازن مثالي بين الاثنين لضمان استمرار تطور الخدمات المصرفية الرقمية وتحقيق كامل إمكاناتها. وإذا لم تنجح في تحقيق ذلك، فإنها ستواجه مخاطر فقدان ثقة عملائها، الذين سيسارعون إلى أخذ أعمالهم إلى أماكن أخرى (%51) تمنحهم إحساسا أعلى بالأمان.


ولحسن الحظ، فإن صناع القرار في المملكة العربية السعودية مدركون لأهمية تحسين الميزات الأمنية بشكل أكبر وقد وضعوا مخططات قريبة المدى لتحقيق تلك التغييرات، على رأسها تفعيل التوثيق ذو العاملين. كما أن هناك العديد من المصارف التي تنظر حاليا في الحلول البيومترية المتقدمة، مثل مسح بصمات الأصابع، والتعرف على الوجه وقزحية العين، والتي تعتبر ابتكارات رئيسية للمستقبل المصرفي ومن المتوقع تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة. ومن المهم أن نلحظ أن المستهلكين على وعي متزايد بقوة القياسات البيومترية، مع تحمس 43% منهم لاستخدامها في هواتفهم لأغراض الأعمال المصرفية، واعتقاد أغلبيتهم أنها أكثر أمنا (%75) وأكثر ملاءمة (%41) من الطرق التقليدية.


ومن الواضح أن الاستيعاب القوي للخدمات المصرفية الرقمية في السعودية يتيح فرصا كبيرة لقطاع الخدمات المالية بأكمله. ولتحقيق النجاح، تحتاج المصارف إلى تسخير النوع المناسب من التكنولوجيا والعمليات لتوفير أفضل مزيج من الراحة والأمن لعملائها.

عن المؤلف

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com